✍️ البرهان في القاهرة، الرباعية بين إدارة الأزمة وكسر الجمود
>> زيارة الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى #القاهرة، في إطار «مبادرة الرباعية»، لا يمكن قراءتها كتحرك بروتوكولي منعزل أو لقاء ثنائي عابر. فهي تأتي في لحظة إقليمية شديدة التعقيد، يُعاد فيها ترتيب ملف #السودان بهدوء محسوب، بعيدًا عن خطاب الحسم العسكري الذي ثبت فشله، وقبل أن تفرض الكارثة #الإنسانية مسارات أكثر قسوة على الجميع.
>> بالنسبة لمصر، تمثل الأزمة السودانية مسألة أمن قومي مباشر حدود مفتوحة، تدفقات لجوء ضخمة، ومخاوف حقيقية من انهيار دولة مركزية في خاصرة وادي النيل. لذلك تسعى القاهرة إلى تثبيت نفسها كفاعل #رئيسي في أي تسوية قادمة، انطلاقًا من معادلة واضحة، الحفاظ على وحدة الدولة السودانية ومؤسساتها، مع تجنب سيناريو التفكك الشامل. غير أن هذه المقاربة، رغم وجاهتها #الأمنية، تظل ناقصة ما لم تُقترن بتحول سياسي حقيقي يُنهي منطق الحكم العسكري ويعيد الاعتبار للإرادة المدنية.
> السؤال الجوهري الذي تطرحه الزيارة لا يتعلق بعناوين البيانات الرسمية، بل بسقفها السياسي الفعلي،
>> هل تمثل تحركات #الرباعية محاولة جادة لكسر الجمود وفتح طريق انتقال مدني شامل، أم أنها مجرد إدارة محسّنة للأزمة، تُبقي الحرب تحت السيطرة #الإقليمية إلى حين تبدل موازين القوى على الأرض ؟
>> في هذا السياق، يكتسب #إعلان المبادئ بين القوى المدنية السودانية أهمية خاصة. فقد توصلت هذه القوى، أخيرًا، إلى توافق صريح على أن لا حل عسكريًا لمسببات #الحرب وجذورها، وأن الخروج من النفق يتطلب مشروع بناء وطني جديد يقوم على السلام، والعدالة، والتنمية، والكرامة الإنسانية. هذا التطور، رغم هشاشته او مبدئيته، يعيد وضع #المدنيين في قلب المعادلة، بعد محاولات متكررة لتهميشهم لصالح تفاهمات عسكرية مغلقة.
>> لكن الواقع الميداني يسير في اتجاه معاكس؛ تصاعد في القتال، اتساع رقعة النزوح، وانهيار شبه كامل للخدمات، خاصة في #دارفور وكردفان. هنا تُختبر جدية الرباعية وقدرتها على الانتقال من لغة «الدعم السياسي» إلى ممارسة ضغط حقيقي على أطراف الحرب، لفرض وقف إطلاق نار إنساني، وحماية #المدنيين، وفتح مسار سياسي لا يُدار من خلف الستار.
>> التصريحات الصادرة عن #دوائر القرار الدولية والإقليمية، سواء من الرياض أو واشنطن أو أبوظبي، تعكس إدراكًا متزايدًا لخطورة استمرار النزاع، وحديثًا عن خطوات عملية نحو هدنة #إنسانية وتوسيع المساعدات مع وقف شامل لإطلاق النار. غير أن التجربة #السودانية علمتنا أن الفجوة بين التصريحات والتنفيذ غالبًا ما تكون واسعة، ما لم تُربط هذه المواقف بآليات إلزام وضمانات واضحة.
>> زيارة #البرهان إلى القاهرة، إذن، مهمة من حيث التوقيت، ومكملة لحراك إقليمي ودولي متسارع حول السودان. لكنها ستظل محدودة الأثر إذا لم تُترجم إلى تغيير جذري في قواعد اللعبة، وقف شامل للحرب، تفكيك اقتصاد العنف، وتمهيد طريق انتقال مدني حقيقي، لا يُختزل في إعادة إنتاج #السلطة نفسها بواجهات جديدة.
فالسودان لا يحتاج إلى إدارة أزمته بمهارة أكبر، بل إلى كسر حلقة الحرب الشريرة ذاتها، ووضع السياسة – لا السلاح – في موقع القيادة.
• الخاتمة
>> في المحصلة، لا تقف زيارة البرهان إلى القاهرة عند حدود التنسيق الدبلوماسي أو تبادل الرسائل الإقليمية، بل تكشف عن مفترق طرق حاسم في مسار الأزمة السودانية..
>> السودان اليوم لا يحتمل مزيدًا من المناورات #السياسية ولا تدويرًا جديدًا للنخب المسلحة. ما يحتاجه هو قرار شجاع بوقف الحرب، وحماية المدنيين، والاعتراف بأن السلام المستدام لن يُفرض من الخارج ولا يُصاغ في الغرف المغلقة، بل يُبنى بإرادة #سودانية حرة، مدعومة بضغط إقليمي ودولي صادق.
دون ذلك، ستظل كل الزيارات والبيانات مجرد محطات عابرة في طريق أزمة تطول كلفتها الإنسانية والسياسية يومًا بعد يوم.
#السودان
تعليقات
إرسال تعليق